القائمة
المدونة
تقدّم القطاع اللوجستي في العام الثامن لرؤية 2030
شهدت المملكة العربية السعودية قفزات اقتصادية واستثمارية منذ انطلاق رؤية 2030 منطلقةً من ركائز قوتها الثلاث، وتتمثل في أن مملكتنا عُمق للعالمين العربي والإسلامي وعُمق ثقافي عرِيق، وثاني رَكائزها قُدراتها الاستثمارية التي مكنتّها في الانطلاق لتقديم فرص استثمارية وتنمية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، وتحفيز طاقة أبنائها الشباب والشابات لتقديم أفضل مالديهم.ونظراً لموقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط بين ثلاث قارات وتمر بها طرق بحرية تمثل أهمية كبيرة بالعالم مما جعل لها مكانة عالية وتميز جغرافي، تتضمن الرؤية كذلك تطور في القطاع اللوجستي حيث شهدت المملكة انطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة لجذب أكبر عدد من المستثمرين. تطورات القطاع اللوجستي سجلت المملكة تقدمًا في عدد من المؤشرات اللوجستية في مراكز عدة، حيث قدم 17 مركزاً في المؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي وكان من 55 إلى 38، والتقدم في 8 مراكز في تصنيف Lloyd's List العالمي وكان من 24 إلى 16 لمناولة أعداد الحاويات لأكبر 100 ميناء في العالم ، وتحقيق أعلى تقدم في مؤشر الربط الجوي الدولي وكان من 27 إلى 13 وفقًا لتقرير مؤشر الربط الجوي الصادر عن اتحاد النقل الجوي. انطلاقات جديدةساهمت الرؤية ببناء مشاريع عدة حيث تم إنشاء مشروع مع شركة "دي أس في" العالمية بقيمة 10 مليارات دولار، يوفر المشروع خدمات لوجستية متنوعة ومتطورة برية وبحرية وجوية، مما يستحدث 20 ألف فرصة عمل ودعم فرص استثمارية متنوعة.حقق ميناء جدة الإسلامي جائزة أفضل ميناء لعام 2022م في القمة العالمية للشحن الأخضر بروتردام، حيث تعتبر أكبر منطقة لوجستية متكاملة بالشرق الأوسط، و بلغت مساحته 225 ألف م2 ، ويتميز بأنه صديق للبيئة ويعمل بالطاقة المتجددة 100% كما ساعد بتوفير 2500 فرصة عمل وكانت قيمة الاستثمارات تبلغ 1.3 مليار ريال سعودي.كون المملكة مصدراً موثوق لإمداد العالم بالطاقة ومكانتها الجغرافية الاستراتيجية وقعت مذكرة تفاهم لمشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط و أوروبا إذا يختصر الممر المسافة ما بين 3-6 أيام.مطار أبها الدولي الجديد يعكس ثقافة وتراث وهوية معمارية تتماشى مع الطبيعة يعتبر وجهة سياحية للمسافرين، ومن المتوقع مرور 90 ألف رحلة سنويًا لأكثر من 250 وجهة دولية ونقل 330 مليون مسافر ومضاعفة الطاقة الاستيعابية لقدرات الشحن الجوي لتصل إلى أكثر من 4.5 مليون طن . أطلق صندوق الاستثمارات العامة شركة طيران الرياض لتكون ناقلاً جويا وطنياً جديداً مما سيقدم فرص عمل وتنويع الاقتصاد، حيث من المتوقع تقديم أكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة ونقل للمسافرين لأكثر من 100 وجهة بحلول عام 2030 .
العرب واللوجستيات: ارتباط تاريخي
على أن مصطلح " اللوجستيات " هو مصطلح حديث نسبيًا، فهو ظهر من بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن "مفهوم" اللوجستيات هو شيء قديم، لا أبالغ إذا قلت أنه مفهوم موجود منذ وجود الإنسان.لطالما احتاج الإنسان للخدمات اللوجستية، لتنظيم وتخطيط وتنفيذ عمليات النقل للغذاء والامتعة والعتاد وغيرها، وعلى أن الوسائل المستخدمة الآن هي أكثر حداثة وفعالية كالطيارة والسيارة والسكك الحديدية وغيرها، مقارنة بقوافل الإبل والخيل والمركبات الخشبية وغيرها، إلا ان الغاية كانت دومًا واحدة، وهي نقل البضائع والأشياء بين الأماكن المختلفة.وعندما نعود تاريخياً لعلاقة العرب بهذا المفهوم، نجد أن العرب من أقدم الأمم تطويرًا وتنفيذًا لمفهوم اللوجستيات منذ الجاهلية، ولعلنا نضرب المثل في هذه المقالة عن "إيلاف قريش "، التي ذكرت في القرآن الكريم أنها نعمة مَنّ الله بها على قريش، فما هو إيلاف قريش؟ وماعلاقة اللوجستيات والتجارة بهذا الايلاف.إن الخيرات مقسمة في الأرض بطريقة شديدة الحكمة، ليحتاج الإنسان إلى الإنسان الآخر، فلا تكتفي أمةً بذاتها، ويكون هذا ظاهراً جلياً في الموارد الطبيعية، فتجد شرق آسيا بلاد غنية بالتربة والأجواء التي تجعلها قابلة للزراعة، ولكن قليلة في موارد الطاقة وتجد الخليج العربي بلدٌ غني بموارد الطاقة لكنه قليل في الزراعة وهكذا ..لقد كانت مكة بلد غير زراعي، وسكانها يحتاجون لآلية يكسبون بها المال، فلم يكن هناك خيار أفضل من التجارة.. لكن تجارة ماذا؟ فالبلد لم يكن فيه أي موارد طبيعية يمكن المتاجرة بها!من هذه المعضلة، اتت فكرة الايلاف، فمكة كموقع جغرافي هي بين مركزين تجاريين، "اليمن" والتي تمثل مركز تجاري لبضائع أفريقيا وشرق آسيا، و "الشام" التي تمثل مركز تجاري لبضائع أوروبا.. فكانت فكرة الايلاف هي جعل مكة ما نسميه بالمفهوم الحديث "مركز تجارة حرة" ومركز "لوجستي" فـفي الشتاء تسير قوافل قريش إلى اليمن، محملة ببضائع الشام، وفي الصيف تسير القوافل إلى الشام محملةً ببضائع اليمن، فـ كانت مكة بهذه الصورة هي بالفعل مركز لوجستي وتجاري يربط أسواق آسيا وأفريقيا بأسواق أوروبا.إن الإرتباط التاريخي للعرب باللوجستيات هو ارتباط أصيل وأتى من حاجة، فكما يقال الحاجة هي أم الاختراع، ونحن اليوم نشهد رغبة العرب متمثلةً بالمملكة العربية السعودية بإعادة التموضع من جديد كـقادة ومحركين أساسيين في اللوجستيات للاستفادة من الموقع الاستراتيجي المميز بالفعل، ولا عجب أن نرى المشاريع اللوجستية العالمية الكبرى كمبادرة الحزام والطريق الصينية أو الممر الاقتصادي الأمريكي، جميعهم يمرون عبر المملكة، ولا شك ان التركيز والاستثمار في اللوجستيات سيكون - بإذن الله - استثمار ناجح.
وادٍ غير ذي زرع منبعاً للتجارة
منذ أن شرع الله فريضة الحج في الجزيرة العربية وتحديداً مكة المكرمة قصدها جميع المسلمون من كُل البقاع ، كانت منبع الخيرات والنعم على أهلها وكل من زارها لأداء مناسك الحج والعمرة حتى أصبحت تنعقد فيها أعظم أسواق العرب التجارية و الأدبية كسوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز إذ كانت تجمع التجار من الشرق والغرب ويتوجهون بعدها لموسم الحج، مما قيل فيها: في مكة واحة الصحراء حيث بها تندى العيون ويبدو تربها عَشِبوحيثما تسكن الدنيا على أمل زاه، يحنّ إليه الفرد والسربفي كل جاذبة سدّ تلوذ به إن جار طقس، ربوعٌ حلوة هضب والمبرع الضاحكُ الزاهي الظليل حمى تندى طبيعته خيراً وتحتلب الذبيانيمن ذلك الوقت أصبحت الجزيرة العربية بالمدن والقرى المجاورة لها عبارة عن مسارات متعددة ترتبط بها طرق التجارة القديمة كما ضمت أيضًا أسواق قديمة من جنوب الجزيرة العربية مثل سوق صنعاء وعدن وصحار وغيرها الكثير، في تلك الأونة كانت تعبر القوافل من اليمن مرورًا بمكة المكرمة وصولًا إلى الشام على ساحل البحر الأحمر حيث سمي هذا الطريق بطريق الحج وكان الأشهر من بينهم، بالإضافة لطريق جبال الثروات الذي يربط العراق بمكة المكرمة، وكذلك طريق المحمل المصري والمحمل الشامي، كما اتخذوا طريق شبه سيناء كمسار رئيسي للحج والتجارة .(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)لقد ميز الله سبحانه وتعالى مكة المكرمة بكثير من النعم وكانت التجارة أكثر مايمتهنون فيه شعبها حيث استمر بالعصر الأموي و العباسي و الأيوبي و واجهت الكثير .من منعطفات انخفاض وارتفاع، ألا أنها تشهد في عصرنا الحالي ولله الحمد الاستقرار والرخاء مما أثر إيجابًا على تطور الحركة التجارية واللوجستية حتى وصلت إلى أوج كماله
مشروع الممر الاقتصادي منافس شديد لمبادرة الحزام والطريق
حين أطلق الصينيون مبادرة "الحزام والطريق" قبل عشر سنوات أرادوا من خلالها التوسع الاقتصادي عالميًا، وربط الصين ودول آسيا عمومًا بأوروبا لتقديم صورة جديدة للصين وضمان تدفق البضائع الصينية إلى مختلف الأسواق عبر العالم.لكن منذ اطلاقها واجهت المبادرة تحديات في تنفيذها بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتعثر المشاريع مع عجز الدول المدينة عن سداد القروض الصينية، وهناك على الطرف الآخر كانت تعمل الولايات المتحدة الأمريكية لمحاولة الابتعاد عن هيمنة الصين الصناعية، وبدورها غيرت اتجاه بوصلتها إلى "الهند"، لتكون مركز تصنيع وتجميع وخيار بديل عن الصين للمصانع والشركات الأمريكية، ولضمان وصول البضائع من آسيا ومن الهند إلى الاسواق العالمية بعيداً عن الصين، جاءت مبادرة "الممر الاقتصادي" التي أُعلن عنها في مؤتمر قمة مجموعة العشرين الأخير في دلهي.حيث تم الإعلان عنها في قمة مجموعة العشرين عبر مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي يعرف بـ IMEC اختصاراً لـ بين الهند والشرق الأوسط و أوروبا، ويتكون من ممرين منفصلين أحدهما شرقي بحري سيمتد من موانئ الهند إلى الإمارات عبر بحر العرب، و ممر بري شمالي سيعبر السعودية بالسكك الحديدية وصولاً إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا، سيساهم المشروع بتطوير وربط شبكات ضخمة من البنية التحتية لخطوط السكك الحديدية وربط الموانئ.الهدف من الممر الاقتصادي توفير روابط لوجستية بين الدول المشاركة فيه لتحقيق التكامل الاقتصادي حيث وصف الحدث بأنه محوري وتحولي في الخريطة اللوجستية العالمية، فمن خلال بناء شبكات طرق وسكك حديدية وتطوير الموانئ سيزداد تدفق السلع بين الدول المشاركة مما يساهم في تحقيق أهداف الرؤية 2030 لتكون المملكة قلب الخريطة اللوجستية، و ستزيد من الفرص الاستثمارية والشراكات مما سيخلق حراك اقتصادي مُذهل، وستكون المنافع مشتركة إذا تتوقع الهند أن هذا الممر سيزيد من تبادلها التجاري مع أوروبا بنسبة 40%وذكر الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية وقائد رؤيتها أن المشروع سيسهم في تطوير وتأهيل البنية التحتية، إذ سيقوم المشروع على 3 أمور مهمة أولها السكك الحديدية وسيتم دمج خطوط السكك الحديدية والموانئ واتصالات الموانئ من الهند و السعودية والخليج العربي وأوروبا، ثانياً تطوير البنى التحتية للطاقة وتمكين إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، أما الأمرالثالث يهدف إلى تعزيز الاتصالات ونقل البيانات من خلال إنشاء كابل جديد تحت البحر يربط دول الممر.من المتوقع زيادة حدة المنافسة بين الممر الاقتصادي و مبادرة الحزام والطريق إذا يتفوق الصينيون بالبنية التحتية ومصادر توريد التصنيع والوصول إلى المواد الخام، ألا أن الخطة المقدمة عن الممر الاقتصادي تشير أنه سيكون منافس شديد لتلك المبادرة ولو أنها ستحتاج وقت ليس بالقصير لتصل لكفاءة العمل الصيني، فهل حقًا "ستتغير قواعد اللعبة" كما قال عنها بايدن، لا شك بأن مشروع الممر الاقتصادي سوف يقلل من أهمية المبادرة الصينية أو سيدفعها للإستعجال بإكمال تنفيذه، ونتيجة النجاح المحتمل لمشروع الممر الاقتصادي قد يؤدي إلى نقل الإهتمام من الصين إلى الهند والشرق الأوسط، كما ستعزز من الإرتباط التجاري بين دول آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.ولعلنا عندما نرى خط سير "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، ومشروع "الممر الاقتصادي" نلاحظ الأهمية الإستراتيجية الكبرى لموقع المملكة العربية السعودية للتجارة الدولية، حيث انهما يمران عبر المملكة وتمثل المملكة نقطة استراتيجية لا يمكن الالتفاف حولها في خطوط سيرهم، ولو افترضنا جدلاً أن كلا المشروعين كُتب لهم النجاح، فـ المملكة ستكون من أكبر المستفيدين من هذه المنافسة الشديدة بين أكبر اقتصادات العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية الصين الشعبية، ولعل هذه القراءة تبرز لنا لماذا كانت الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد هي الركن الثالث من ركائز تحقيق رؤية المملكة 2030.
طريق تجاري مُفعم بالنكهات وعبّق العطور
ميناء كاليكوت على الساحل الغربي للهند في عام 1572، يعتبر مركزاً تجارياً رئيسياً لتجارة التوابل الشرقية من أطلس جورج بروان وفرانز هوجنبيرجفي القرون الوسطى ظهر مصطلح "تابل" على كافة أنواع المنتجات الطبيعية والغريبة من الفلفل وحتى الأعشاب ذات الرائحة العطرية الزكية، وفي ذلك الزمان كانت تعتبر التوابل لمسَّة أنيقة لموائد الطبقة المخملية وإضافة مُمتلئة بالنكهات للأطباق، وكانت تستخدم بعض التوابل في البخور مثل القرنفل بسبب رائحتها العطرية القوية. كما كانت تعتبر ثمينة القيمة وباهظة التكلفة آنذاك لذلك كانت تقتصر على موائد الأثرياء دون بقية أفراد المجتمع.فقد كانت أسعار التوابل قديمًا تعادل قيمة الذهب وكانت أيضًا هدية قيمّة للأغنياء حيث كان السعر يزداد كلما انتقل من يد إلى يد إذّ كان يكلف من 1 إلى 2 غرام من الفضة، فمن أين تأتي التوابل ولماذا ينحصر الوصول لها لفئة قليلة من المجتمع، من هنا بدأت الحكاية من طريق التوابل التجاري والذي يعتبر أحد أعظم المسارات في التاريخ ألا أن الغموض كان يُحيط به من كل جهة فلا أحد يعرف متى بدأ التجار في استخدام هذا الطريق، ولقد كان الناس ينظرون إلى تلك الأرض التي تأتي منها التوابل على أنها أسطورة تشتهر بكونها الأرض التي لم يرها أحد ولا يمكن العيش بها بل حتى الوصول إليها، ولذلك ارتفع الطلب على التوابل وارتفعت أسعارها مما جعل بعض الدول الأوروبية تتنافس في البحث عن أرض التوابل لإحتكارها وتسببت في شنّ عدة حروب بين البرتغال و الأوربيين والآسيويين حيث استطاع البرتغاليون السيطرة على تجارة التوابل لفترة وجيزة ومن ثم تابع الأوروبيين محاولات فرض هيمنتهم على الجزر المنتجة للتوابل.تاجر توابل بالقرون الوسطىby Lawrence OPيعتبر طريق التوابل طريق تجاري يصل بين القارات بالإضافة لكونه طريقًا ثقافيًا ايضًا، حيث ساعد بانتشار الأديان والفلسفات ومزج بين التقاليد والعادات والفن والهندسة. ويعود أصل طريق التوابل إلى القرن الثاني قبل الميلاد عندما بدأ الصينيون تجارة الحرير مع الغرب ومع مرور الوقت وعبر الأزمنة المختلفة توسع الطريق وأصبح شبكة واسعة من الطرق البرية والبحرية بدءً من الصين وآسيا الوسطى والهند والشرق الأوسط وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط حيث كان طريق التوابل شبكة متعددة ولم يكن طريقًا واحدًا وقد كانت كل الطرق المؤدية له محفوفة بالمخاطر والظروف الصعبة وتعتبر من أبرز المغامرات التي قد يواجهها التجّار أثناء رحلاتهم في ذلك الزمان.كان طريق الحرير والتوابل يمتد من آسيا و أوروبا و أفريقيا ويمتزج خط التجارة مع تجار الهند والصين وبسبب ذلك ساعدت في ظهور أطباق شعبية عديدة مثل المعكرونة و الزلابية الصينية الشهيرة وكان التأثير واضحًا من التوابل الهندية وطرق الطهي حيث اكتسب طريق الحرير هذا الأسم ليس فقط من تجارة الحرير الثمينة والمعهودة في ذلك الوقت ولكن بسبب تبادل التوابل أيضًا إذ تعتبر ذات قيمة عالية مماثلة لمكانة الحرير، لقد كان طريق الحرير طريق ثقافي بإمتياز حيث كان بوابة للنكهات وامتزاج للثقافات واستكشاف لكنوز الطهي وليس ذلك فحسب بل حتى العطور تداولتها الشعوب بحسب ثقافتهم مثل العود الذي كان يستخدم في البخور وكان مرتبط برائحة الملوك في القصور وايضاً المعابد. إن طرق التجارة لها مكانة تاريخية عظيمة وبالغة الأهمية إلى يومنا الحالي هذا، فقد كانت هي خطوة الوصل بين الشعوب وإنتقال الحضارات لمختلف بقاع الأرض، ونحن اليوم مع وسائل النقل الحديثة والسريعة أصبحنا نعيش في عالم أكثر ترابطًا وباتت الأسواق متقاربة، ومن المهم أن نعلم بأن النقطة التي نحن بها اليوم في منصة مخدوم ما هي إلا امتداد لمسيرة الإنسان في كوكب الأرض، وجهود متراكمة عبر آلاف السنين مما يظهر لنا أصالة "سلاسل الإمداد واللوجستيات" وارتباطها التاريخي مع الإنسان، ولو أن المصطلحات اختلفت اليوم عن تلك الحقبة إلا أن الغاية كانت دومًا واحدة، في ربط العالم وجعله أكثر تقاربًا.
قراصنة الحاويات
اختلفت مشاكل الحاويات أثناء النقل في العقود الأخيرة إذ ظهر مؤخرا بشكل ملحوظ سرقة حاويات الشحن البحري خاصة مع التوسع في التجارة العالمية وزيادة الاعتماد على الشحن البحري لنقل البضائع، المشكلة لا تعتبر جديدة ولكنها الآن أصبحت أكثر تعقيداً مع تقدم التكنولوجيا وتطور وسائل الاتصال، إذ تتم عمليات تلاعب بالحاويات عن طريق الأنظمة الالكترونية دون الانتباه لها بسبب تعامل الموانئ مع عدد كبير من البضائع يومياً مثلاً التلاعب في بوليصة الشحن أو استبدال الحاويات وغالباً لا يتم اكتشافه إلا بعد فوات الآوان. لذلك يستغل القراصنة الفجوات الأمنية في الموانئ لتنفيذ سرقة الحاويات في الولايات المتحدة وكندا حيث تم تسجيل 1778 حادثة سرقة واحتيال في سلسلة التوريد في عام 2022 مقارنة بعام 2021، كما تقدر الخسائر المالية لنتائج السرقات بأكثر من 223 مليون دولار.حيث أوضحت تقارير TT Club و BSI أن سرقة الحاويات أثناء النقل تمثل النسبة الأكبر من إجمالي السرقات 71% رغم أنها انخفضت من 87% في عام 2019، وازدادت النسب خلال جائحة كورونا وشكلت خطراً أكبر في النقل البحري وايضاً مع أحداث البحر الأحمر أصبح النقل البحري يمر بصعوبات كثيرة، إذ أوضح التقرير ارتفاع نسبة الأطعمة المسروقة والمشروبات من 16% إلى 24% من الإجمالي العالمي.وتعود أسباب سرقة الحاويات إلى ضعف الأمن السيبراني والأنظمة الإلكترونية في تتبع الشحنات ووجود ثغرات تسمح للقراصنة باختراق المعلومات والحصول عليها، وأيضًا لأهداف المالية نظرًا لما تحمله الحاويات من بضائع ذات قيمة عالية مما يجعلها هدفاً مغريًا للسرقة، مع ضعف المراقبة الأمنية مما يسهل من عملية السرقة.ومن الحلول المقترحة للحد من هذه المشكلة اتباع نظم التتبع الفوري لتعزيز إمكانية الوصول لمعلومات الشحنة في حال سرقتها، كذلك استخدام تقنيات التحقق الثنائي من هوية المستخدمين لتمكين وصول معلومات الشحنة لأصحابها، مع اختيار طرق نقل آمنة وتدريب الموظفين والتحقق من خلفياتهم، وإضافة كاميرات مراقبة للإطلاع على إجراءات الشحن.ونشكر جهود المملكة العربية السعودية في تعزيز الأمن البحري إذ انضمت إلى الهيكل الأمني البحري الدولي بهدف حماية السفن التجارية وضمان حرية الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب وغيره ويهدف إلى توفير الأمان للتجارة الدولية وتعاون مع دول المنطقة بما في ذلك دول أفريقيا الساحلية لتأمين ممرات بحرية آمنة.
إشتراك النشرة الأخبارية
كنّ على اطلاع على آخر الأخبار اللوجستية عالمياً و محلياً
© 2024 mkhdoom. جميع الحقوق محفوظة.